على أعتاب الدعوة الإلهية الخاتمة كانت الساحة الإنسانية ترتع فيها أعلام المادية التي لا يريد أصحابها إلا الحياة الدنيا وزينتها ولا يرجون بعثا ولا نشورا ولا يعبأون بشئ من الفضائل المعنوية والروحية، وفي مقابل أصحاب المادة رفع دعاة الروح أعلامهم وانطلقوا في مسيرة يرفضون فيها الكمالات الجسمية التي أظهرها الله تعالى في مظاهر النشأة المادية. لتكون ذريعة كاملة إلى نيل ما خلق لأجله الإنسان، وسارت القافلة البشرية تحت هذه الأعلام التي لا تحقق السعادة في الدنيا، لأن حملة الأعلام المادية أبطلوا النتيجة بالوقوف على سببها والجمود عليه، وحملة أعلام الروح أبطلوا النتيجة بإبطال سببها. كانت المسيرة البشرية في حاجة وسط يقف بين الطرفين ويقودهما إلى الهدف الذي من أجله خلق الله الإنسان، وسط لا إلى هذا الطرف ولا إلى ذاك الطرف وإنما يقف بين الجانبين جانب الجسم وجانب الروح، وبه يقاس ويوزن كل من طرفي الافراط والتفريط، ليكون شهيدا على سائر الناس الواقعة في الأطراف. ومن لطف الله تعالى ورحمته بالعباد، بعث سبحانه النبي الخاتم، النبي الأمي العربي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليقود أمة تحمل للبشرية دينا يهدي الناس إلى وسط الطرفين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
من كتاب ابتلاءات الأمم لسعيد أيوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق