قديما كان هناك هاجسا طالما سيطر على عقلي، ألا وهو أن نكتة ما سترد إلى عقلى أثناء تأديتي لواجب عزاء وسانفجر في الضحك رغم هول المناسبة. كنت أعاني من ذلك الهاجس، حتى أن عقلي – وفي عناد طفولي يحسد عليه – كان يتذكر معظم النكات التي يعرفها كلما تواجدت داخل صوانا للعزاء، وفي المقابل كنت أترك كل شيء حولي وأبذل كل جهدي في طرد تلك النكات الشريرة خارج عقلي.
غالبا الخوف الهستيري من أمر ما يجعله يتنامى أكثر وأكثر في عقولنا، فمثلا رفض كثير من الرجال مساعدة أمهاتم أو زوجاتهم في شؤون المنزل من طهي وكي وتنظيف، يعود جزء منه للكسل والأنتخة بالتأكيد، لكن جزء كبير منه يعود أيضا لترسخ فكرة أن التلك الأعمال خاصة بالنساء وبالتالي فهناك هاجس خفي أنه لو قام بها ستنتقص جزئا من رجولته، نوع من الهوموفوبيا بس على خفيف. على الرغم من أنني أتصور أن إعدادي للإفطار لزوجتي – المستقبلية – وإحضاره لها في الفراش قبل إيقاظها لا يقدح في رجولتي على الإطلاق.
وفي إعتقادي، نفس تلك الهواجس هي ما تجعل المسلم منا يميل إلى عدم تهنئة المسيحي بعيده والمسيحي يعمد إلى إخفاء إعجابه بصوت عبد الباسط عبد الصمد وهو يقرأ القرآن. صحيح قد تجد فتاوي ومحاولات لتأصيل تحريم تهنئة المسيحي بعيده، لكن لا أعتقد أنها كانت ستلاقي إقبالا من دون تلك الهواجس ... يانهار إسود لو الترنيمة المسيحية ديه إلتصقت بعقلي وسمعني أحدهم أدندنها دون قصد، أو قام صديقي المسيحي بعمل لايك لحديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على الفيسبوك، أين سيصنف الناس كل منا حينها؟ من الأفضل أن أطرد الترنيمة من عقلى الآن، حتى لو إستدعى الأمر إستحضار روح تلك النكات التي طردها بالأمس أثناء تأديتي لواجب العزاء، أو قد تفي أغنية لسعد الصغير أو نانسي عجرم بالغرض.
أتدري؟ فالأمر لم يقف عند هذا الحد ... فقل لي مثلا لماذا يحب بعضنا معرفة ديانة ممثلة أو مطربة ما قبل أن يقرر إن كان سيحبها أم لا؟ أنا لا أخترع أمورا من رأسي، فتلك الحالات موجودة بالفعل بيننا. وإن أردت أن أزيدك من الشعر بيتا، لماذا أيضا يقتصر موضوع حبنا وكرهنا للفنانين حسب ديانتهم على الفنانين العرب والمصريين لكن لا يتعداهم لزملائهم في نفس الكار من الغربيين؟ أتدري لماذا؟ لأن هناك من يخشى شبهة تصنيفه دينيا في مع ذلك الفنان أو تلك الفنانة، أما بالنسبة للغربيين فشبهة التصنيف بعيدة هنا لأنهم في الأصل كلهم مسيحيين وبالتالي لا يوجد معسكرين منفصلين يمكن تصنيف معجبيهم بناء على ديانة المنتمين لكل منهما.
طبعا لم يغب ذلك الأمر عن المشهد السياسي، فأسهل طريقى لتجنيد شخص لطرف سياسي هو تخويفه بشبهة أن يكون أقل تدينا لو لم يصوت لحزب أو تيار ما. بالله عليك، ألم تصادفك تلك العبارة يوما؟ "إنت إتجننت تصوت للحزب المصري الديموقراطي المتحالف مع الكتلة المصرية بتاعة ساويرس المسيحي؟"
أظن أن هاجس الضحك داخل عزاء قد نمى داخلي بعد مشاهدة تلك اللقطة الشهيرة ليحيى الفخراني في فيلم الكيف، "حضرتك جاي تعزي ولا جاي تهرج؟". وبالتالي فهاجس أن يكون الواحد أقل رجولة لو ساعد زوجته في المطبخ أو حاول معرفة الموضة الآن في الأحذية أو نظارات الشمس النسائية ليهديها نظارة جديدة في عيد ميلادها، وهاجس أن يكون أقل إنتمائا لدينه لمجرد محاولته أن يكون على دراية بتفاصيل دين الأخرين دون أن يحاول عقله السخرية منها لمجرد أن ينفي عن نفسه تلك التهمة، وبالتأكيد تلك الهواجس ربما نمت جراء تربية وتعليم ما. صحيح أن تلك المخاوف قد تكون أكثر وضوحا عند بعضنا من الأخرين، وصحيح أن البعض يخفيها تحت طبقات من التحضر والتعقل قد تنجح في بعض الأحيان في إخفائها تماما أو قد تظل كامنة كالنار تحت الرماد أحينا أخرى.
عموما، فبعد فترة تيقنت أن الخوف من الضحك في العزاء غير مبرر، فلا أنا ضحكت في عزاء من قبل ولا داعي لشغل عقلي بها، وبالتالي تخلصت من تلك الفكرة أوتوماتيكيا حين أصبحت أكثر نضوجا، أو قل أكثر ثقة في نفسي.
غالبا الخوف الهستيري من أمر ما يجعله يتنامى أكثر وأكثر في عقولنا، فمثلا رفض كثير من الرجال مساعدة أمهاتم أو زوجاتهم في شؤون المنزل من طهي وكي وتنظيف، يعود جزء منه للكسل والأنتخة بالتأكيد، لكن جزء كبير منه يعود أيضا لترسخ فكرة أن التلك الأعمال خاصة بالنساء وبالتالي فهناك هاجس خفي أنه لو قام بها ستنتقص جزئا من رجولته، نوع من الهوموفوبيا بس على خفيف. على الرغم من أنني أتصور أن إعدادي للإفطار لزوجتي – المستقبلية – وإحضاره لها في الفراش قبل إيقاظها لا يقدح في رجولتي على الإطلاق.
وفي إعتقادي، نفس تلك الهواجس هي ما تجعل المسلم منا يميل إلى عدم تهنئة المسيحي بعيده والمسيحي يعمد إلى إخفاء إعجابه بصوت عبد الباسط عبد الصمد وهو يقرأ القرآن. صحيح قد تجد فتاوي ومحاولات لتأصيل تحريم تهنئة المسيحي بعيده، لكن لا أعتقد أنها كانت ستلاقي إقبالا من دون تلك الهواجس ... يانهار إسود لو الترنيمة المسيحية ديه إلتصقت بعقلي وسمعني أحدهم أدندنها دون قصد، أو قام صديقي المسيحي بعمل لايك لحديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على الفيسبوك، أين سيصنف الناس كل منا حينها؟ من الأفضل أن أطرد الترنيمة من عقلى الآن، حتى لو إستدعى الأمر إستحضار روح تلك النكات التي طردها بالأمس أثناء تأديتي لواجب العزاء، أو قد تفي أغنية لسعد الصغير أو نانسي عجرم بالغرض.
أتدري؟ فالأمر لم يقف عند هذا الحد ... فقل لي مثلا لماذا يحب بعضنا معرفة ديانة ممثلة أو مطربة ما قبل أن يقرر إن كان سيحبها أم لا؟ أنا لا أخترع أمورا من رأسي، فتلك الحالات موجودة بالفعل بيننا. وإن أردت أن أزيدك من الشعر بيتا، لماذا أيضا يقتصر موضوع حبنا وكرهنا للفنانين حسب ديانتهم على الفنانين العرب والمصريين لكن لا يتعداهم لزملائهم في نفس الكار من الغربيين؟ أتدري لماذا؟ لأن هناك من يخشى شبهة تصنيفه دينيا في مع ذلك الفنان أو تلك الفنانة، أما بالنسبة للغربيين فشبهة التصنيف بعيدة هنا لأنهم في الأصل كلهم مسيحيين وبالتالي لا يوجد معسكرين منفصلين يمكن تصنيف معجبيهم بناء على ديانة المنتمين لكل منهما.
طبعا لم يغب ذلك الأمر عن المشهد السياسي، فأسهل طريقى لتجنيد شخص لطرف سياسي هو تخويفه بشبهة أن يكون أقل تدينا لو لم يصوت لحزب أو تيار ما. بالله عليك، ألم تصادفك تلك العبارة يوما؟ "إنت إتجننت تصوت للحزب المصري الديموقراطي المتحالف مع الكتلة المصرية بتاعة ساويرس المسيحي؟"
أظن أن هاجس الضحك داخل عزاء قد نمى داخلي بعد مشاهدة تلك اللقطة الشهيرة ليحيى الفخراني في فيلم الكيف، "حضرتك جاي تعزي ولا جاي تهرج؟". وبالتالي فهاجس أن يكون الواحد أقل رجولة لو ساعد زوجته في المطبخ أو حاول معرفة الموضة الآن في الأحذية أو نظارات الشمس النسائية ليهديها نظارة جديدة في عيد ميلادها، وهاجس أن يكون أقل إنتمائا لدينه لمجرد محاولته أن يكون على دراية بتفاصيل دين الأخرين دون أن يحاول عقله السخرية منها لمجرد أن ينفي عن نفسه تلك التهمة، وبالتأكيد تلك الهواجس ربما نمت جراء تربية وتعليم ما. صحيح أن تلك المخاوف قد تكون أكثر وضوحا عند بعضنا من الأخرين، وصحيح أن البعض يخفيها تحت طبقات من التحضر والتعقل قد تنجح في بعض الأحيان في إخفائها تماما أو قد تظل كامنة كالنار تحت الرماد أحينا أخرى.
عموما، فبعد فترة تيقنت أن الخوف من الضحك في العزاء غير مبرر، فلا أنا ضحكت في عزاء من قبل ولا داعي لشغل عقلي بها، وبالتالي تخلصت من تلك الفكرة أوتوماتيكيا حين أصبحت أكثر نضوجا، أو قل أكثر ثقة في نفسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق